خيار اللحظة الأخيرة للعسكري : التضحية بالسيسي أو هروبه



الانقلاب العسكري المسيحي الشرطوي الفلولي البلطجي الفاشل الذي قاده الخائن السيسي ، شابته مجموعة من الأخطاء ، ثم تبعته مجموعة كوارث ، وأيضاً صمود رائع وهائل مع مؤشرات ( أنا متيقن منها وأعتقدها اعتقاداً جازماً ) للنفس الطويل عند الرئيس مرسي وأنصاره ، كما شهد وفرة عددية لأنصار الرئيس مرسي بالملايين بما عقد المشهد وأثبت أن العسكري وضع نفسه في مأزق رهيب جداً ليس له منه فكاك ولا مخرج إلا بالحيلة .

كيف تعقد عليهم المشهد

وعلامات تعقد المشهد على العسكري وورطته تأتي من عدة نقاط واضحة للعيان ، ذلك أن العسكري وجهاز مخابراته الذي بدا واضحاً ولاؤه للغادر السيسي أدار مشهد فوضى وتدمير سمعة على مدار سنة كاملة للرئيس مرسي حتى يتمكن من إخراج سيناريو الانقلاب .
منظومة إعلامية كاملة تقوم على التجريح والإهانة في كل الفضائيات من كل مقدمي التوك شو وبتمويل خليجي مفتوح وبغير حساب ، سيل من الشائعات والأفكار الموجهة على الأرض بين رجل الشارع والأتوبيسات والأسواق والمنتديات ، منظومة وشبكة عنكبوتية من كل موظفي الوحدات والأجهزة المحلية لتعقيد حياة الناس وملئها بالمشكلات ، منظومة من الموظفين السياديين في وزارات هامة كالكهرباء والبترول والمياه لملء حياة الناس بالمشاكل فيما يتعلق بالكهرباء والسولار والمياه ، جهاز كامل متواطئ متوقف عن ممارسة دوره ويدبر المكائد من الباطن ومن الظاهر وهو جهاز الشرطة الخائن ، الذي امتنع منذ ثورة 25 يناير عن ممارسة مهامه التي يقبض عليها رواتبه من أموالنا ، والآن يملأ الطرق ومحطات السكك الحديد بالأكمنة لمنع المسافرين أو تعطيلهم .
وأخيراً دعم خليجي لا متناهي من شيوخ خليجيين بدول نفطية لا تعرف سوى التآمر والدس والخيانة .
ثم جاءت تمرد بمثابة الديكور النهائي مع ما صحبها من حشد مسيحي طائفي معلن بارز ، مع جنود الأمن المركزي بزي مدني ، مع بعض التافهين المنخدعين من المصريين الذين لا يعرفون معنى كلمة " ثورة " ولا مقوماتها ، ولا معاييرها ، ممن انتخبوا شفيق ولم ينتخبوا مرسي فثاروا على من لم ينتخبوه !
ثم إنهم قاسوا شعبية الرئيس والإخوان بعد تفخيخ المشهد فوجدوا أنها في النازل بسبب الأزمات التي أحدثوها ، وهنا سر خطئهم ، أنهم قاسوا المشهد واستطلاعات الرأي بين القوى الساكنة التي لا تتحرك ، فهي لم تخرج لا في ثورة 25 يناير ، ولا في أي مشهد انتخابي ، ولا في أي فعالية مؤيدة أو معارضة ، فهم حزب الكنبة وقياسات الرأي التي يعتمدون عليها داخل هذه الشريحة لا معول عليها ، فالعبرة بالقوى الفاعلة المتحركة التي لا تزيد عن 30 مليون بين مؤيد ومعارض ورمادي .
ولما أرادوا أن يخرجوا بالمشهد في صورته النهائية ، فوجئوا بنقطتين : الأولى أن رمضان اقترب بشدة ، ولن يتمكنوا من الاستمرارية في الحشد بسبب رمضان وبسبب أن الحشد يكلفهم كثيراً جداً من الجهد والمال - خاصة وكل من يحشدوهم مأجورين ( بلطجية - أمن مركزي - موظفون بالمحليات ) - .
والسبب الثاني أن حشود تأييد الرئيس مرسي قامت في يوم واحد وبدأت في الزيادة الرهيبة حتى أن المقارنة بين الحشدين دائماً وفي حس كل الوكالات العالمية ، وفي حس المخابرات وقياس الرأي صبت في صالح الرئيس مرسي ، مع الفارق النوعي بين الطائفتين من حيث عدالة القضية والاقتناع بها والاستعداد للتضحية في سبيلها حتى ولو بالنفس كما حدث مع شهداء مذبحة الحرس الأبرار الأطهار السلميين العزل .
هذان السببان أخذا بيد السيسي الخائن إلى استعجال المشهد ليقطف الثمرة سريعاً قبل أن يفشل السيناريو ، ليقع في مجموعة من الأخطاء الكارثية عقدت عليه المشهد بصورة لم يتخيلها وتهدده الآن بما أزعم أنه متحقق لا محالة عن قريب بفشل الانقلاب ، بل وحملة تطهيرية شاملة تضع ثورة 25 يناير على مسارها الصحيح بإذن الله .

أخطاء السيسي :
بخلاف خطيئة الخيانة ، فإن هناك مجموعة كوارث وخطايا وليست مجرد أخطاء :
1. الاعتماد في قياسات الرأي التي قادته لتنفيذ الرتوش النهائية في الانقلاب على شريحة غير فعالة من المواطنين ، وعدم الربط بين قياسات الرأي وبين خروج المواطنين في الجولات الانتخابية ، مما أدى لنتيجة خادعة عنده عن شعبية الرئيس والإخوان ، وأيضاً عن التأييد المنتظر للانقلاب والإخراج المسرحي له ، ليحدث ما لم يتوقعه من تأييد للرئيس وصمود لمؤيديه وازدياده وارتباك للمعسكر الآخر وارتباك أشد داخل الجيش نفسه .
2. السرعة الرهيبة في إخراج المسرحية ، وهو مضطر إلى ذلك للسببين الذين قدمتهما ، والاضطرار لا يمنع كونه خطأً .
هذا الاستعجال وضعه تحت دائرتين ، الأولى سنة الله الكونية والشرعية بأنه من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه ، والدائرة الثانية هي أنه بهذه السرعة كشف الحقيقة لكثير من الموجودين بالمنطقة الرمادية من العنصر الفاعل ( الذي شريحته 30 مليون ) وجلاها لهم بأنه انقلاب وليس بثورة .
فأي ثورة هذه التي تخرج فيها جموع حاشدة مظاهرات ضد حاكم لم يعرف عنه تكميم أفواه لتنتصر فقط في يومين .
وأي ثورة هذه ضد حاكم يسبه طوب الأرض ولا يعاقب ، ولا يكمم أفواه ، ولا يغلق منبراً إعلامياً ولا قناة ، ولا يقصف في عهده قلم ، ولا يمنع حزب ولا جريدة ولا رأي ، ولا يمنع جمعية أو هيئة أو كيان من ممارسة حريته ؟! أي ثورة هذه ؟!
يفترض في الثورة أن يسبقها غليان نتيجة تكميم الأفواه ومنع الحريات والتسلط والديكتاتورية والتزوير ، وسد أي قنوات للحوار مع كل الأطراف ، لتبدأ بمظاهرات وتصعد من حركتها يوماً بعد يوم إلى أن تكلل بالنجاح ، وهذا هو عين ما نفعله الآن ونكسب فيه كل يوم أرضا جديدة حتى أوشكنا - خلاص - على النصر بإذن الله .
3. الرهان على رمضان : وهم لا يعرفون أننا قوم مجاهدون ، نزداد تألقاً عند التحدي والبأس الشديد ، ومن الواضح أنهم لم يقرؤوا عنا شيئاً ولا يعرفوننا ، يؤكد هذا مقولة عمرو موسي للمهندس خيرت الشاطر عن فهمه لأهل السنة والجماعة أن أهل السنة هم السلفيين والجماعة هم الإخوان ؟ ( ههههههههههه ) .
فهم لم يعرفوا أن الله غايتنا ، ومن كان الله غايته فمن يقف أمامه ؟ ، ولم يعرفوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا ، ومن كان قدوته الرسول بحياة الكفاح والزهد والمجاهدة التي جاهدها لا يمكن أن تلين قناته ، ولم يعرفوا أن الجهاد سبيلنا ، وأن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا ، فتلك المصطلحات هي أساس حياتنا ، هؤلاء لم يعرفوا شيئاً عن تاريخ تضحياتنا .
وبناءاً عليه فإن الرهان على رمضان ليس في صالحهم ، حيث أن رمضان عندنا هو شهر الجهاد والانتصارات ، وما بدر ولا العاشر من رمضان عنهم ببعيد .
4. الدم :  وما أدراك ما الدم ، بخلاف كونه دلالة سخط من الله رب العالمين ، وخروج من سبيل الرحمة والتوفيق " لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً " .
بخلاف هذا فإن الدم خلاص وضع ثأراً بيننا وبين الخائن السيسي ، ووضع سداً فاصلاً لأي محاولات تنازلية من أي طرف بعيداً عن القصاص من المجرم الخائن الغادر السيسي .
وهذا ما يدركه جيداً باقي أعضاء العسكري الذين يعلمون أنهم أيضاً سيكونون عرضة للمساءلة والاتهام بالجرم الفادح الذي ما عاد هذا زمان مثله من الجرائم ولا أوانه ، وأنه لا نجاة لهم إلا بكبش الفداء الأكبر ، مع إعادة الرئيس مرسي لمكانه الشرعي .
5. يبدو أنه من ضمن الخطايا ما حملته التسريبات أن السيسي نفذ خطة موضوعة من رجل التاريخ الذي جاء من ( زمان ) ( هيكل ) ليضع خطة طبقت في خمسينات القرن الماضي ليطبقها السيسي في أوائل قرن جديد مصحوب بالإنترنت والفايبر أوبتك والمحمول وأصبحت الفضائيات درجة رابعة في وسائل الاتصال فيه ( تخيلوا ؟ ) مش بقى إذاعة صوت القاهرة ؟ ودبح دبح يا جمال .. معدش ينفع .
وكان أجدر بهيكل أن يبحث عن المكان الذي ينام فيه حبيبه عبد الناصر لينام في حضنه ، وكان أجدر بالسيسي أن يعرف هذه الحقيقة ، ولكن يبدو أن رجل المخابرات أراد أن يعيش في زمن العصور الوسطى وتان تان ورجال الكهوف وقصص رأفت الهجان ، وهي دي مصر يا عبلة !
6. الطوائف الحشدية التي استعان بها السيسي بين فلول الحزب الوطني والبلطجية والمسجلين خطر والمسيحيين ، مما أفقده كثيراً من الحيدة والبراءة واللمسة الثورية ، يضاف إليهم طبعاً عساكر الأمن المركزي الذين لا قبل لهم بأي ثورة ، مع المنخدعين من المصريين الذين صوتوا أصلاً لشفيق ، ليوصلوا بهذا الكلام لعناصر المنطقة الرمادية الذين هم أصل المعركة مع المؤيدين أو المعارضين أنها ليست ثورة وأنها انقلاب صريح صحيح على النموذج الديمقراطي الوليد الذي في ستة اختيارات انتخابية متتالية يتم إفشالها وإسقاطها من قضاء متآمر أو عسكري انقلابي فاشل بقيادة رأسه الخائن .
7. التعتيم الإعلامي وتكميم الأفواه ، وهو ما يولد الفرصة من ناحية للابتكارات من نوعية قناة الثورة التي ستبث باكر إن شاء الله من رابعة ، أو الحركة على الأرض بمسيرات كمسيرات النعوش أو الأكفان بما يعوض غياب الفرصة الإعلامية ، أو الشغل الفيسبوكي وعلى مواقع النت بما يعني حالة من النشاط والابتكار والتجديد عند مؤيدي الرئيس .
هذا بخلاف الرؤية الواضحة ومسح الضباب عن أعين الرماديين ليتبين لهم بجدية ووضوح أن الموضوع انقلاب واضح وتآمر على الشرعية وردة إلى عهد ما قبل الكهوف ، وأنه انقلاب عسكري متكامل الأركان .
8. عودة الشرطة للخدمة ، وانتهاء الأزمات المصطنعة والدعم الخليجي : كل ذلك كان خطاباً واضحاً أيضاً يجلي الحقيقة ويكشف لكل زائغ أو متردد أنه انقلاب ، وأن ما عاناه الرئيس مرسي على مدار سنة حكمه كان صراعاً بامتياز بين ثورة 25 يناير وبين فلول الحزب الوطني والنظام السابق الذين أرادوا العودة للمشهد ، فظنوا أنهم يمكن أن يعودوا إليه على جثمان الانقلاب العسكري ، ولكن هيهات ، فما كان لعجلة الزمان أن ترتد أبداً .
9. قيام السيسي بتوجيه التهنئة للشعب المصري برمضان ، مع أنه يقول أنه بعيد عن المشهد ولقد جاء بمن يزعم أنه رئيس ، ولو أنه لديه ذرة من التوفيق لكان سمح لمن أطلق عليه نشطاء النت والفيسبوك : " الطرطور " بأن يتقدم هو ويقدم التهنئة للشعب ، لكنها الدلالة الأخيرة على عميان البصيرة ، وعلى الغباء .
10 . الاعتقالات وتلفيق القضايا للخصوم ولمعسكر مؤيدي الرئيس بشكل عشوائي ، ومداهمة بيوتهم بشكل مستفز يثير العند والتحدي عند المؤيدين أكثر مما يظنون أنه يوصل رسالة تيئيسية . وعلى رأسها الطريقة الفجة التي لم تراعي لا شرع ولا دين ولا عقل ولا منطق في اقتحام غرفة نوم المهندس خيرت الشاطر مثلاً ، وهؤلاء أبعد ما يكونون عن كل القيم التي ذكرت ، وما العجيب في ذلك فإن على رأس الأمر السيسي الخائن .

 الخلاصة :
تلك عشرة كاملة ، وربما هناك غيرها مما لا يسعف الوقت للتفكر فيه وتدبره ، لكنها كلها تؤدي إلى تعقيد المشهد وإرباك المجلس العسكري . هذا بالإضافة إلى رد فعل المؤيدين للرئيس مرسي والشرعية بما هم عليه من سلمية مطلقة ، وإصرار رهيب حتى أنهم يعودون لنفس الميدان الذي قتلوا عنده بعدها بأقل من عشر ساعات وبأعداد جبارة ، ومليونيات الإفطار والتراويح برابعة والابتكار في المسيرات ومسيرات المحافظات وتعقد المشهد في سيناء ومطروح والصعيد .
كل هذا يقودنا إلى مشهد معقد في غاية الصعوبة على العسكر الذين لم يعد لهم إلا ثلاثة خيارات تحت عنوانين : المحلل أو كبش الفداء ( هروب أو إعدام ) .
والمحلل بمعنى الحلول التوافقية التفاوضية غير وارد مطلقاً مع العزيمة والإصرار الذين يملآن الميدان من أنصار الرئيس ومؤيدي الشرعية ، بما يعني أنه لا فكاك عن العودة بالرئيس مرسي للمشهد بكامل صلاحياته وبكامل شرعيته ، والعودة للدستور الذي اختاره الشعب بحر إرادته ومحاكمة المجرمين الانقلابيين .
فيتبقى نظرية فرار السيسي وإبعاده من المشهد ، أو التضحية به على رؤوس الأشهاد وتعليقه على أعواد المشانق ، وإلا فإن كل أو جل عقلائهم يعلمون أن الخيار الأصعب الباقي والمتاح لهم هو تعليقهم هم أنفسهم معه على أعواد المشانق ، وأزعم أن اختيارهم على وشك الحسم إن لم يكن حسم ..
إذن خلاصة المشهد تتمثل في العسكري أصبح في ورطة لا مخرج لها سوى أن يعتقلوا السيسي ويقدموه قرباناً للثوار ويعيدوا الرئيس مرسي ليخرجوا من الأزمة بماء وجه يحفظ لهم حقهم في أنهم إن لم يحاكموا فسيعفى عنهم نتيجة إعادتهم الشرعية لأهلها .
هذا ليس سيناريو حالم ، وإن غداً لناظره قريباً ... ولتعلمن نبأه بعد حين ...
--------------------------------------------------------------------------------------------
شارك هذا الموضوع مع أصدقائك فلك جزيل الشكر !

هذا الموضوع كتبته يوم الأحد، 14 يوليو 2013 ضمن تصنيف , فأن اصبت فمن الله وحده و ان اخطات فمن نفسي و الشيطان . يمكنك نقل اي موضوع من المدونة بشرط ذكر المصدر و ذكر رابط الموضوع الاصلي للاتصال او الاستفسار عن اي موضوع من هنا.
chievoonline.blogspot.com